الكويت و الاقتصاد الرقمي: كيف تتطور التجارة الإلكترونية في ظل رؤية التحول الرقمي؟
في السنوات الأخيرة، شهد العالم العربي و الكويت بشكل خاص طفرة في التوجه نحو الاقتصاد الرقمي، ومعه ازدهرت التجارة الإلكترونية كواحدة من أبرز ملامح هذا التحول. وبفضل الدعم الحكومي، وتزايد الوعي التقني لدى الأفراد، واستثمارات القطاع الخاص، أصبحت الكويت بيئة خصبة لنمو السوق الرقمية وتطوير البنية التحتية اللازمة.
التجارة الإلكترونية في الكويت: البداية والنمو
لم يكن دخول الكويت عالم التجارة الإلكترونية مفاجئا. فمنذ أوائل العقد الماضي، بدأت المتاجر الكويتية تتوسع في تقديم خدماتها عبر الإنترنت، إلا أن جائحة كورونا كانت نقطة التحول الكبرى التي دفعت الشركات الصغيرة والكبيرة إلى تبني الحلول الرقمية، استجابة لتغير سلوك المستهلك.
اليوم، لم تعد التجارة الإلكترونية تقتصر على الطلب من المطاعم أو شراء الملابس؛ بل امتدت لتشمل الإلكترونيات، التموين، الأدوية، خدمات الدفع الإلكتروني، وحتى العقارات. ويكفي أن نعلم أن أكثر من 90٪ من مستخدمي الإنترنت في الكويت قد قاموا بعمليات شراء إلكترونية خلال العام الماضي، وفقا لتقارير محلية.
بنية تحتية رقمية تشجع النمو
الكويت تمتلك واحدة من أعلى نسب استخدام الإنترنت والهواتف الذكية في العالم، ما يجعل التحول الرقمي ممكنا ومشجعا. هذا إلى جانب تطور خدمات الدفع الإلكتروني مثل:
- كي نت التي تعتبر النظام المحلي الأبرز.
- انتشار المحافظ الرقمية مثل Ooredoo Pay و STC Pay
- دعم البنوك المحلية للتسوق عبر الإنترنت ببطاقات مسبقة الدفع وخدمات تقسيط إلكترونية.
كما أن الحكومة بدأت تتجه نحو التحول الرقمي في خدماتها، من خلال بوابات مثل “سهل” و”الهوية الرقمية”، لتسهيل المعاملات على المواطنين والمقيمين، وهي بنية تمهد لاقتصاد إلكتروني أكثر شمولا.
الشركات الناشئة والتجارة السريعة
شهدت السنوات الأخيرة ولادة عدد من الشركات الناشئة الكويتية التي تعتمد كليا على التجارة الإلكترونية، منها من تخصص في توصيل الطلبات، ومنها من ركز على المتاجر المتخصصة (مثل الأغذية العضوية أو الأدوات المنزلية الذكية).
كذلك، لعبت خدمات التوصيل السريع دورا كبيرا في نمو هذا القطاع، وأصبحت جزءا لا يتجزأ من تجربة المستهلك اليومية. نذكر هنا شركات مثل Deliveroo و Talabat التي غيرت شكل السوق المحلي.
تحديات لا تزال قائمة
رغم النمو، يواجه الاقتصاد الرقمي في الكويت بعض التحديات:
- ضعف بعض التشريعات المتعلقة بحقوق المستهلك الإلكترونية.
- الحاجة إلى دعم أكبر للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطاع التجارة الرقمية.
- ارتفاع كلفة الشحن أحيانا، خاصة مع قلة مراكز التخزين المحلية لبعض المتاجر.
ومع ذلك، فإن هذه التحديات تقابل بخطط واعدة، أبرزها تضمن رؤية “كويت جديدة 2035” لتعزيز التحول الرقمي، وتحفيز الاقتصاد المبني على المعرفة، وتسهيل بيئة الأعمال الرقمية.
المستقبل: التجارة عبر الذكاء الاصطناعي والتحول إلى Web 3.0
مع دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي والمساعدات الذكية على الخط، قد تشهد الكويت خلال السنوات المقبلة تحولات إضافية في شكل التجارة الإلكترونية، سواء عبر المتاجر التي تتنبأ باحتياجات المستخدم، أو عبر الواقع المعزز (AR) الذي يسمح بتجربة المنتجات قبل شرائها.
كما أن مفهوم “الميتافيرس” و Web 3.0 بدأ يجد صداه في بعض المبادرات التكنولوجية بالكويت، وهو ما قد يغير طبيعة التسوق وطرق تقديم الخدمات كليا.
كلمة أخيرة
إن التجارة الإلكترونية في الكويت ليست مجرد رفاهية عابرة، بل ركيزة اقتصادية حقيقية تنمو بسرعة لافتة. وبين دعم حكومي متزايد، وإقبال مجتمعي متنام، وتقنيات جديدة تلوح في الأفق، يبدو أن الكويت تمضي بخطى ثابتة نحو اقتصاد رقمي أكثر شمولا.
هل تعتمد على الشراء الإلكتروني في حياتك اليومية؟
وما الذي تتمنى تطويره في تجربة التسوق الرقمية بالكويت؟
مستشار وخبير في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا. تطوير المواقع الإلكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية، صانع محتوى وأوامر الذكاء الإصطناعي.
