حرارة الصيف في الكويت: شلون نتكيف معاها
في الكويت، لا يعد الصيف فصلا عابرا، بل تجربة يومية متجددة، تبدأ من لحظة فتحك لباب المنزل صباحا حين يهاجمك هواء جاف يحمل معه وهج الشمس، وتدرك أن يومك سيبنى على قرارات صغيرة لتفادي الحر، ومهارات مكتسبة على مر الأجيال.
يعتاد الناس هنا على حرارة تتجاوز 45 درجة في الظل، ولكن الأرقام لا تظهر التفاصيل. كيف يكيف الكويتي يومه؟ ومتى يخرج؟ وأين يهرب من لهيب الشمس؟
بدايات النهار قرارات حاسمة
في ساعات الصباح الأولى، يبدأ يوم الموظف الكويتي بتحد واضح. الخروج من البيت إلى سيارة تشبه الفرن المغلق. كثيرون باتوا يستخدمون تشغيل المركبة عن بعد، أو يغطون المقاعد بقطع عازلة للحرارة، أو يضعون عوازل ذكية على النوافذ.
ليس ترفا بل ضرورة، فدرجة الحرارة قد تلامس حاجز الـ50 في بعض الأيام.
توقيت الحركة
الناس يتجنبون الخروج وقت الذروة قدر الإمكان. المواعيد ترتب في الصباح الباكر أو ما بعد العصر، وكل من يضطر للتنقل في منتصف النهار يعرف جيدا أن عليه أن يكون مستعدا: كاب، ماء بارد، تنقل سريع، وربما تطبيق على الهاتف لمعرفة أقرب مجمع تجاري أو مول.
المجمعات ملاذ من الحرارة
المولات في الكويت لم تعد وجهة للتسوق فقط، بل أصبحت فضاء عاما للهروب من الحر. الأسر تقضي فيها ساعات ما بين المقاهي والمطاعم والممرات الطويلة المكيفة. في هذه المساحات، تختلط الحاجة بالترفيه، وتتحول مجرد نزهة قصيرة إلى استراحة من ضجيج المكيفات المنزلية أو ضيق الغرف.
بعد الغروب تبدأ الحياة
مع مغيب الشمس، تعود الحياة التدريجية للشوارع. تمتلئ الواجهات البحرية بالمارة، وتفتح الديوانيات أبوابها من جديد، وتبدأ العائلات بالزيارات. الحدائق الخاصة تضاء، والكراسي الخارجية ترتب، والمراوح تشغل ويبدأ المشهد اليومي لما يشبه استعادة التوازن بعد معركة صامتة مع الحرارة.
حلول ذكية ووعي متزايد
لم تعد مواجهة الصيف في الكويت عشوائية، بل باتت مبنية على وعي تراكمي. العديد من المنازل أصبحت تعتمد على العزل الحراري للجدران والأسطح، النوافذ المزدوجة، استخدام الأجهزة الذكية للتحكم في استهلاك الطاقة، وحتى جدولة استخدام الكهرباء لتفادي الضغط في ساعات الذروة، هذا التحول لا يتعلق فقط بالراحة، بل بالحفاظ على استدامة الموارد وتقليل الكلفة المالية.
التأقلم لا يعني الاستسلام
في الكويت، لا أحد يتجاهل الصيف، لكنه لم يعد عقبة، هو جزء من تفاصيل الحياة اليومية، يقاوم بالذكاء ويروض بالروتين ويدار بحكمة. قد لا تختفي الحرارة، ولكن كل بيت وكل شارع وكل شخص يجد طريقته للتعامل معها دون أن تتوقف الحياة.

مستشار وخبير في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا. تطوير المواقع الإلكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية، صانع محتوى وأوامر الذكاء الإصطناعي.