الإعلام الاجتماعي وتأثيره على سلوك المجتمع
في سنوات ليست ببعيدة، كانت الديوانية تعد المنصة الاجتماعية الأولى في الكويت. هناك تتداول الأخبار، وتناقش القضايا، ويبنى الرأي العام. أما اليوم، فقد انتقلت هذه الحيوية إلى الشاشات الصغيرة التي نحملها في جيوبنا، وبدأت منصات التواصل الاجتماعي تلعب الدور الأكبر في صياغة السلوك والرأي والوعي المجتمعي.
من منصة أكس (تويتر سابقا) إلى إنستغرام، ومن تيك توك إلى سناب شات، أصبح الإعلام الاجتماعي مرآة للمجتمع، بل وأحيانا مرشدا له. فالمحتوى الذي ينشر لحظيا بات يوجه طريقة تفكير الناس، يغير عاداتهم، ويعيد تعريف علاقاتهم ببعضهم البعض.
صعود المؤثرين وتغير مفهوم القدوة
في السابق، كانت القدوة تبنى عبر التجربة والعلم والاحترام الاجتماعي، أما اليوم، فأصبح بعض الشباب والشابات يكتسبون شهرتهم من خلال مشاهد يومية، تحديات، أو وصفات طبخ، وقد تحول بعضهم إلى صناع رأي حقيقيين. فالكلمة التي تنشر في ثوان، قد تحدث ضجة في الرأي العام، وتغير موقف جهة حكومية أو شركة.
وهذا التأثير لا يقتصر فقط على الاستهلاك، بل يشمل الوعي السياسي، والصحي، وحتى القيم الثقافية. حملات التبرع، ومقاطعة المنتجات، والتعاطف مع قضايا إنسانية، كلها باتت تتحرك من خلال وسم (#) يطلقه شخص مؤثر.
الخصوصية والعلاقات الأسرية تحت المجهر
تطور الإعلام الاجتماعي أدخل أيضا البيوت في العلن. العلاقات الزوجية، التفاخر بالممتلكات، بل وحتى المشاكل الشخصية، أصبحت تعرض أحيانا على الملأ. وهذا أحدث تحولا في طبيعة العلاقة بين أفراد الأسرة، بل وأسهم في تغيير نظرة الجيل الجديد إلى الحياة الواقعية، وتفضيل “المثالية المصطنعة” التي تعرض على الشاشة.
من جهة أخرى، تزايدت ظواهر مثل التنمر الإلكتروني، والغيرة الاجتماعية، والعزلة النفسية نتيجة الإفراط في المقارنة مع الآخرين عبر المنصات.
الإعلام الجديد وصناعة الوعي
لكن لا يمكن إنكار الجوانب الإيجابية. فوسائل الإعلام الاجتماعي أتاحت مساحات للتعبير الحر، والتوعية، والتعليم الذاتي. كثير من الكويتيين اليوم يكتسبون مهارات جديدة، يشاركون في قضايا مجتمعهم، ويطلقون مبادرات خيرية وتنموية عبر هذه الوسائل.
كما أصبحت المنصات الرقمية وسيلة للحكومات والجهات الرسمية لقياس نبض الشارع والتفاعل معه. فالمواطن لم يعد مجرد مستهلك للمعلومة، بل أصبح شريكا في صناعتها وانتشارها.
هل نحن بحاجة إلى توازن؟
السؤال الذي يفرض نفسه اليوم:
هل نستخدم الإعلام الاجتماعي بوعي أم أننا أصبحنا أسرى لتأثيراته؟
هل يجب أن يدرس الإعلام الرقمي في المدارس لتنشئة جيل أكثر وعيا؟
وهل نستطيع أن نعيد لديوانياتنا ومجالسنا دورها الحقيقي بعيدا عن “إعادة التغريد”؟
أم أن التغيير أصبح حتميا، وما علينا سوى أن نتعلم كيف نتعايش مع هذا الواقع بذكاء؟
ما هو أكثر أثر شعرت به بسبب الإعلام الاجتماعي في حياتك اليومية؟ وهل تعتقد أن تأثيره إيجابي أكثر أم سلبي؟ وكيف ترى مستقبل العلاقات الاجتماعية في ظل هذا التغير المستمر؟

مستشار وخبير في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا. تطوير المواقع الإلكترونية وتطبيقات الهواتف الذكية، صانع محتوى وأوامر الذكاء الإصطناعي.